منظمة التعاون تخفض توقعاتها للنمو الاقتصادي العالمي في ظلّ التوترات التجارية

36

خفضت منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي بشكل طفيف الإثنين، توقعاتها للنمو العالمي في العام 2025، على خلفية تراجع آفاق النمو في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو، في ظلّ التوتّرات التجارية والاضطرابات الجيوسياسية.

وقال ألفارو سانتوس بيريرا، كبير الاقتصاديين في المنظمة، خلال إحاطة إعلامية الإثنين “نبحر إلى المجهول”، ملخّصا وضع الاقتصاد العالمي المتثاقل الدينامية في الأشهر المقبلة في ظلّ تشرذم التبادلات العالمية والاتّجاهات التضخّمية التي قد ينحو إليها.

وفي 2024، بقي النشاط الاقتصادي العالمي “منيعا” مع تقدّم بنسبة 3,2% في إجمالي الناتج المحلي، لكن للعام 2025، تتوقع المنظمة نموا نسبته 3,1%، بانخفاض 0,2% عن توقعاتها الأخيرة التي نشرتها في ديسمبر (3,3%).

وفي وقت يشنّ دونالد ترامب حروبا تجارية على شركاء أساسيين لبلاده، توقعت منظمة التعاون والتنمية في أحدث تقديراتها، أن يحقق إجمالي الناتج المحلي في الولايات المتحدة، القوة الاقتصادية الأولى عالميا، نموا بنسبة 2,2% هذا العام، و1,6 بالمئة في سنة 2026.

وتسجّل هاتان النسبتان تراجعا بقدر 0,2% و0,5% عن التقديرات السابقة للمنظمة بشأن الاقتصاد الأميركي.

وتؤثر السياسات التجارية التي شرعت فيها الولايات المتحدة أو تعتزم اعتمادها، على جارتيها المكسيك وكندا بالدرجة الأولى، الأمر الذي ينعكس بوضوح في التوقعات بشأن نمو اقتصادهما.
وخفضت منظمة التعاون تقديراتها للنمو الاقتصادي في كندا هذا العام بنحو الثلث مقارنة بما كانت عليه في ديسمبر، وبنحو 2,5% بالنسبة إلى المكسيك التي ستدخل في حالة ركود.

ورجحت المنظمة أن يشهد النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة والمكسيك وكندا “تباطؤا بحسب التقديرات مع بدء دخول الرسوم الجمركية حيز التنفيذ”.

وأوضحت أن تقديراتها المحدّثة تأخذ في الاعتبار الرسوم الجمركية بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، وتلك التي بدأ اعتمادها بين الولايات المتحدة والصين، إضافة للرسوم على الصلب والألمنيوم. ولم تلحظ التقديرات الجديدة التلويح بفرض رسوم متبادلة، أو تهديدات ترامب للاتحاد الأوروبي.
 

– ألمانيا وفرنسا –
على رغم ذلك، خفضت المنظمة للمرة الثانية تواليا توقعاتها بشأن النمو الاقتصادي في ألمانيا وفرنسا، القوتين الأولى والثانية في منطقة اليورو.

وتوقعت المنظمة أن تحقق ألمانيا هذا العام نموا قدره 0,4 بالمئة مقابل 0,7 بالمئة في توقعاتها السابقة. ويتوقع أن تسجل فرنسا من جهتها نموا بنسبة 0,8 بالمئة، بانخفاض 0,1 عن تقديرات ديسمبر.

وأشارت المؤسسة الدولية إلى أن “الاقتصادات الأوروبية ستعاني بقدر أقلّ من التداعيات الاقتصادية المباشرة” للتدابير الجمركية المضمّنة في تقديراتها، لكنّ “انعدام اليقين على المستوى الجيوسياسي والسياسي بشكل متزايد من شأنه أن يقوّض النمو”.

وإسبانيا هي الاقتصاد الأوروبي الكبير الوحيد الذي من المتوقع أن يسجل نموا مطردا بنسبة 2,6% في 2025.

لكنّ الارتياب الجيوسياسي الذي يسود في أوروبا قد ينعكس إيجابا على نمو الاتحاد الأوروبي “مع زيادة النفقات العامة المخصّصة للدفاع”، ما قد “يدعم النمو على المدى القصير”، بحسب منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي.

غير أن هذا “الإنفاق العام الإضافي قد يفاقم التوتّرات في الموازنات على المدى الطويل”، وفق المنظمة.

وخفضت المنظمة أيضا توقعاتها بشأن نمو اقتصاد اليابان، أحد أبرز الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، وذلك إلى 1,1% (بانخفاض 0,4%).

أما الصين، فيتوقع أن تحقق نموا قدره 4,8% في 2025، بزيادة طفيفة (+0,1%) مقارنة بتوقعات ديسمبر، إذ إن “التداعيات السلبية لفرض رسوم جمركية ستعوَّض بجزء كبير منها باعتماد تدابير دعم معزّزة”، وفق المنظمة.

– تضخّم “أعلى من المتوقع” –
وسلّطت منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي الضوء في تقريرها على الآثار السلبية للتوتّرات التجارية على المبادلات العالمية التي قد لا تقوّض الإنتاج العالمي فحسب بل قد تزيد أيضا من التضخّم “الذي قد يكون أعلى من المتوقّع”.

وأشارت إلى ارتفاع التضخّم إلى 2,8% هذه السنة في الولايات المتحدة (زيادة بـ 0,7% نسبة إلى التوقعات السابقة)، بعد 2,5% في 2024.

وتوقعت المنظمة أن “يرتدّ ارتفاع كلفة التبادلات تدريجا على أسعار المنتجات النهائية”، ما قد يستدعي “الإبقاء على سياسة نقدية تقييدية لفترة أطول من المتوقع”.

وحذّرت من أن “عودة التضخّم أو المفاجآت السيّئة للنمو الاقتصادي قد تفضي إلى تصحيح الأسعار بشكل سريع في الأسواق المالية وتأجيج التقلّبات في الأسواق من جديد”.

لا تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *